كتبت كارولينا بيدراتسي أن مشهد الناشط المصري الهولندي أنس حبيب وهو يقيّد أبواب سفارة مصر في لاهاي بسلاسل يوليو الماضي أشعل سلسلة احتجاجات غير مسبوقة. حبيب، الذي يعيش في المنفى السياسي، نشر الفيديو على الإنترنت ليجد صداه سريعًا بين المعارضين المصريين حول العالم.
وبحسب ميدل إيست آي، توسعت الاحتجاجات من أوروبا إلى تركيا والولايات المتحدة، لكن مع اتساعها صعّدت السلطات المصرية من حملتها الانتقامية، إذ لم تقتصر على مطاردة النشطاء في الخارج بل امتدت إلى ذويهم داخل مصر.
في إسطنبول، حاول الصحفي المنفي نور حسام، المعروف أيضًا باسم أونور آزاد، تكرار تجربة حبيب أمام القنصلية المصرية. حمل سلسلة وأغلق الأبواب رمزيًا، لكن حراسه اقتادوه بعنف إلى الداخل وتعرض للضرب المبرح. بعد أيام، انتقلت الحركة إلى نيويورك حيث حاول الناشط اليمني الأمريكي حسام خالد إغلاق أبواب بعثة مصر لدى الأمم المتحدة. غير أن الاعتداء وقع على المصورين، علي وياسين السّماك، اللذين جُرّا إلى الداخل وتعرضا للضرب قبل تسليمهما للشرطة.
أكّد والد الشابين، أكرم السماك، أن نجليه أصيبا بصدمة نفسية شديدة، مضيفًا: "ياسين قال لنا، لولا وجود الكاميرات لقتلونا". رغم ذلك وُجهت إليهما اتهامات بالاعتداء، بينما يستمر والداهما في محاولة إسقاط التهم.
تُظهر شهادات أخرى أن الاعتداءات جزء من منهجية واضحة. تسجيل مسرّب لوزير الخارجية بدر عبد العاطي كشف تعليماته للسفير المصري في هولندا بالتعامل بقسوة مع أي احتجاج أمام البعثات: "اربطوهم وسلّموهم للشرطة، واجعلوا حياتهم جحيمًا". أحد خبراء حقوق الإنسان في أوروبا وصف ذلك بأنه دليل على شعور النظام بالحصانة حتى خارج أراضيه.
الضغط لم يقتصر على الشوارع. ن ن، ناشط مصري هولندي يشارك في تنسيق الحملة، قال إن خمسة من أفراد أسرته اعتقلوا أثناء زيارتهم لمصر. وفي حالة حبيب، جرى اعتقال عمه وابن عمه بتهم مرتبطة بالإرهاب. أما حسام فأكد أن شقيقه محتجز وتضغط عليه المخابرات للتخلي عن نشاطه مقابل الإفراج عنه.
المنفيون يصفون هذه التجربة بأنها استمرار لأساليب القمع التي عاشوها داخل السجون المصرية. حسام نفسه استرجع رائحة عطر كان يشمه أثناء استجوابه وهو قاصر في السجن، وقال إنه تعرّف على المحقق في القنصلية من هذه الرائحة، معتبرًا الأمر وسيلة متعمدة لبث الرعب.
ورغم المخاطر، يؤكد الناشطون أنهم لن يتراجعوا. أدهم حسنين، مصري هولندي آخر، شارك في الاحتجاجات قائلاً: "نحن مستنزفون من الحزن لما يحدث في غزة، ومعرفة أن لبلدي دورًا نشطًا في ذلك أمر لا يُحتمل".
الانتقادات للنظام المصري ازدادت مع توقيع القاهرة صفقة غاز قياسية بقيمة 35 مليار دولار مع إسرائيل، بزيادة 14% في أسعار الواردات، في الوقت الذي تستمر فيه حرب غزة والحصار. ناشطون يرون أن هذه الخطوات تؤكد تورط مصر في دعم آلة الحرب الإسرائيلية رغم ادعاء دعم الحقوق الفلسطينية.
حملة القمع شملت أيضًا أسر عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين في الداخل. منظمة حقوقية أوروبية قدّرت أعداد السجناء السياسيين بين 20 و40 ألفًا، مع اختفاء أكثر من 800 شخص منذ 2023 وحدها.
بالمقابل، ظهرت حركة مضادة يقودها مصريون موالون للحكومة في الخارج باسم "اتحاد شباب مصر بالخارج"، لكنها أثارت جدلاً بعد اعتقال زعيمها أحمد عبد القادر "ميدو" في لندن إثر مضايقات لنشطاء ومع الشرطة.
مع ذلك، واصل أنس حبيب وشقيقه طارق اعتصامًا سلميًا أمام السفارة المصرية في لندن، عازفين الموسيقى ومنددين بما وصفوه بعنف النظام وفساده وتعاونه مع إسرائيل. بالنسبة للنشطاء، مواجهة هذه السياسات واجب لا يمكن التخلي عنه مهما ارتفعت التكلفة.
https://www.middleeasteye.net/news/activists-lock-egyptian-embassies-abroad-families-back-home-pay-price